تشكل الرياضة إجمالا محركا أساسيا للاقتصاد الوطني في العديد من القطاعات كالفلاحة والصناعة، والبناء، والتجارة، والفندقة، والإعلام، والصحة، والتعليم وغيرها من المجالات الحيوية. فإلى جانب فوائدها الصحية والترفيهية، تساهم الرياضة في توفير مناصب الشغل وخلق الرواج التجاري. فعلى سبيل الذكر، قدرت إيرادات فريق الوداد البيضاوي لسنة 2022 ب18.5 مليون دولار أنفق منها الفريق 8 مليون دولار، فيما حصل المنتخب المغربي لكرة القدم على 25 مليون دولار كمنحة مقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم بمناسبة بلوغه نصف نهاية كأس العالم لكرة القدم 2022. وهذا يبرز بجلاء الدور المتنامي لكرة القدم كرافد اقتصادي بالمغرب.
ما يلاحظ أن مشاركة المنتخب الوطني الأخيرة بكأس العالم أرخت بظلالها على تطور الاقتصاد الوطني على عدة أوجه. حيث أدى ذلك إلى مضاعفة القيمة السوقية للاعب المغربي وأصبح الحديث عن ضم الفرق العالمية العريقة للاعب المغربي، مما يساهم في إنعاش ميزانيات الفرق الوطنية وأكاديمية محمد السادس، التي تكون فيها بعض اللاعبين كعزالدين أوناحي، ويوسف النصيري، ونايف أكرد وغيرهم من اللاعبين الموهوبين الممارسين بالدوريات الاحترافية العالمية. كذلك لوحظ إقبال منقطع النظير على تسجيل الأطفال الصغار بالمدارس الكروية، مما سيضاعف أعداد المؤطرين الكرويين والمدارس الكروية، ورواج بيع الملابس والأحذية الرياضية.
كما تم تسجيل انتعاش كبير بقطاع النسيج بالموازاة مع النتائج الإيجابية التي كان يحققها المنتخب الوطني. إذ قدرت مبيعات الأقمصة الرياضية والأعلام الوطنية أنداك بمعدل 5 مليار درهم، دون الحديث عن الرواج الذي عرفته المقاهي والمطاعم الوطنية. وفي نفس الإطار، عرفت وجهة المغرب السياحية تحسنا كبيرا بفضل الشهرة الواسعة التي نالها المغرب غداة إقصاءه لفرق كبيرة ككندا، وبلجيكا، والبرتغال، وإسبانيا. حيث قدر عدد الذين تابعوا مقابلة المغرب ضد البرتغال بحوالي مليار مشاهد، وهو ما أدى إلى تصدر المغرب قائمة البحوث على محركات البحث. ينضاف إلى ذلك تغريدات المشاهير ورجال الأعمال افتخارا بإنجازات المنتخب المغربي، والتي تابعها الملايين. وكنتيجة لهذه الدينامية التي خلقها تألق المنتخب المغربي، زار 11 مليون سائح المغرب سنة 2022 وارتفع العدد لأكثر من 13.2 مليون سائح نهاية شهر نونبر 2023، محققا إيرادات تفوق 88.4 مليار درهم من العملة الصعبة.
ومن المتوقع أن يعطي تنظيم المغرب المشترك لكأس العالم 2030 دفعة قوية للاقتصاد الوطني، من حيث انطلاق الأشغال الكبرى بالعديد من المدن، وبناء المطاعم والفنادق، وإحداث الآلاف من مناصب الشغل في عدة مجالات، وجلب الاستثمارات الأجنبية، ومضاعفة أعداد السياح، وتعزيز الثقة في المغرب كبلد آمن ومنفتح على باقي الأعراق والثقافات، في ظل القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.