الإثنين 30 دجنبر 2024

الإثنين 30 دجنبر 2024

رسالة‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬إلى‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬المناظرة‭ ‬الوطنية‭ ‬الثانية‭ ‬حول‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية

 الصخيرات،‭ ‬24‭ ‬شوال‭ ‬1429‭ ‬هـ‭ ‬الموافق‭ ‬24‭ ‬أكتوبر‭ ‬2008‭ ‬م

‮«‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬وحده،‭ ‬والصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬على‭ ‬مولانا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وآله‭ ‬وصحبه،‭


حضرات‭ ‬السيدات‭ ‬والسادة،‭ ‬
يطيب‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نتوجه‭ ‬إلى‭ ‬المشاركين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المناظرة‭ ‬الوطنية‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬حول‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية،‭ ‬اعتبارا‭ ‬لما‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬لدى‭ ‬جلالتنا،‭ ‬من‭ ‬بالغ‭ ‬العناية‭ ‬والاهتمام‭ ‬ولما‭ ‬نعلقه‭ ‬من‭ ‬آمال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى،‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬انطلاقة‭ ‬جديدة‭ ‬تكفل‭ ‬النهوض‭ ‬بأحوال‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭.‬
ولن‭ ‬يتأتى‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بتجاوز‭ ‬ما‭ ‬يعيقها‭ ‬من‭ ‬اختلالات‭ ‬منافية‭ ‬لنبل‭ ‬أهدافها‭ ‬ومناقضة‭ ‬لدورها‭ ‬الحيوي،‭ ‬في‭ ‬ترسيخ‭ ‬المواطنة‭ ‬الكريمة‭ ‬والغيرة‭ ‬الوطنية‭ ‬وبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬ديمقراطي‭ ‬حداثي‭ ‬سليم‭.‬


ومن‭ ‬التجليات‭ ‬الصارخة‭ ‬لاختلالات‭ ‬المشهد‭ ‬الرياضي،‭ ‬ما‭ ‬تتخبط‭ ‬فيه‭ ‬الرياضة‭ ‬من‭ ‬ارتجال‭ ‬وتدهور‭ ‬واتخاذها‭ ‬مطية،‭ ‬من‭ ‬لدن‭ ‬بعض‭ ‬المتطفلين‭ ‬عليها،‭ ‬للارتزاق‭ ‬أو‭ ‬لأغراض‭ ‬شخصية،‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬ربي‭ ‬من‭ ‬المسيرين‭ ‬الذين‭ ‬يشهد‭ ‬لهم‭ ‬تاريخ‭ ‬الرياضة‭ ‬ببلادنا‭ ‬بتضحيتهم‭ ‬بالغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬من‭ ‬أجلها،‭ ‬جاعلين‭ ‬الفرق‭ ‬والأندية‭ ‬التي‭ ‬يشرفون‭ ‬عليها‭ ‬بمثابة‭ ‬أسرتهم‭ ‬الكبيرة‭ ‬ولاعبيها‭ ‬في‭ ‬منزلة‭ ‬أبنائهم‭.‬
ويأتي‭ ‬انعقاد‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬في‭ ‬ظرفية‭ ‬مطبوعة‭ ‬بانشغال‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬الوطني‭ ‬بما‭ ‬يعترض‭ ‬الرياضات‭ ‬الوطنية‭ ‬عامة‭ ‬من‭ ‬تقلبات‭ ‬تجسدها‭ ‬النتائج‭ ‬الهزيلة‭ ‬والمخيبة‭ ‬للآمال،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نرضاه‭ ‬لبلدنا‭ ‬ولا‭ ‬يقبله‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬غيرة‭ ‬وطنية‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحجبه،‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال،‭ ‬بطولة‭ ‬أو‭ ‬تألق‭ ‬بعض‭ ‬المواهب‭ ‬الفردية‭.‬

أيتها‭ ‬السيدات‭ ‬والسادة،‭ ‬
لا‭ ‬تخفى‭ ‬عليكم‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬الرياضة‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها‭ ‬وفنونها،‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬المغاربة،‭ ‬وتجذرها‭ ‬في‭ ‬هويتهم‭ ‬الجماعية‭.‬ ذلكم‭ ‬أننا‭ ‬أمة‭ ‬شغوفة‭ ‬بالرياضة،‭ ‬معبأة،‭ ‬بكل‭ ‬جماهيرها،‭ ‬لنصرة‭ ‬وتشجيع‭ ‬أبطالها،‭ ‬معتزة‭ ‬أيما‭ ‬اعتزاز‭ ‬بما‭ ‬يحققونه‭ ‬من‭ ‬إنجازات‭ ‬ورفع‭ ‬علم‭ ‬المغرب‭ ‬خفاقا‭ ‬في‭ ‬الملتقيات‭ ‬الدولية‭.‬
كما‭ ‬أن‭ ‬الممارسة‭ ‬الرياضية‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬عصرنا،‭ ‬حقا‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬الأساسية‭ ‬للإنسان‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬ممارستها‭ ‬لتشمل‭ ‬كافة‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع،‭ ‬ذكورا‭ ‬وإناثا‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وتمتد‭ ‬لتشمل‭ ‬المناطق‭ ‬المحرومة‭ ‬والأشخاص‭ ‬ذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭. ‬وبذلك‭ ‬تشكل‭ ‬الرياضة‭ ‬رافعة‭ ‬قوية‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية‭ ‬وللاندماج‭ ‬والتلاحم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ومحاربة‭ ‬الإقصاء‭ ‬والحرمان‭ ‬والتهميش‭.‬


واعتبارا‭ ‬لما‭ ‬تتوفر‭ ‬عليه‭ ‬بلادنا‭ ‬من‭ ‬رصيد‭ ‬زاخر‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬الرياضي،‭ ‬فإن‭ ‬الإشكال‭ ‬الملح‭ ‬المطروح‭ ‬على‭ ‬المهنيين‭ ‬والسلطات‭ ‬التي‭ ‬تتولى‭ ‬تقنين‭ ‬وضبط‭ ‬القطاع‭ ‬الرياضي،‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬التساؤل‭ ‬المشروع‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬آلت‭ ‬إليه‭ ‬الرياضة‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬تدهور‭ ‬وما‭ ‬يلزم‭ ‬القيام‭ ‬به‭ ‬لتجاوز‭ ‬حالة‭ ‬الجمود‭ ‬وغياب‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬تعانيها‭.‬
إن‭ ‬الوضع‭ ‬المقلق‭ ‬لرياضتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬على‭ ‬علاته‭ ‬الكثيرة‭ ‬يمكن‭ ‬تلخيصه‭ ‬في‭ ‬إشكالات‭ ‬رئيسية،‭ ‬وهي‭ ‬بإيجاز‭: ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الحكامة‭ ‬المعمول‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬الجامعات‭ ‬والأندية،‭ ‬وملاءمة‭ ‬الإطار‭ ‬القانوني‭ ‬مع‭ ‬التطورات‭ ‬التي‭ ‬يعرفها‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وكذا‭ ‬مسألة‭ ‬التكوين‭ ‬والتأطير،‭ ‬ومعضلة‭ ‬التمويل،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية‭ ‬الرياضية،‭ ‬مما‭ ‬يقتضي‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬للنهوض‭ ‬بهذا‭ ‬القطاع‭ ‬الحيوي‭.‬


ومما‭ ‬يزيد‭ ‬الأمر‭ ‬تعقيدا،‭ ‬أن‭ ‬أسلوب‭ ‬تنظيم‭ ‬الممارسة‭ ‬الرياضية،‭ ‬في‭ ‬بلدنا،‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬تدخل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الفاعلين‭ ‬مع‭ ‬غياب‭ ‬التنسيق‭ ‬فيما‭ ‬بينهم،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬أغلبهم‭ ‬يمارسون‭ ‬نشاطهم‭ ‬ضمن‭ ‬إطار‭ ‬جمعوي‭ ‬يقوم‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬مبدإ‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬والهواية‭.‬
والأدهى‭ ‬والأمر،‭ ‬أن‭ ‬تحديد‭ ‬المسؤوليات‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬تتوفر‭ ‬عناصر‭ ‬الشفافية‭ ‬والنجاعة‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬تسيير‭ ‬الجامعات‭ ‬والأندية،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الجمود‭ ‬التي‭ ‬تتسم‭ ‬بها‭ ‬بعض‭ ‬التنظيمات‭ ‬الرياضية‭ ‬وضعف‭ ‬أو‭ ‬انعدام‭ ‬نسبة‭ ‬التجديد‭ ‬الذي‭ ‬تخضع‭ ‬له‭ ‬هيأتها‭ ‬التسييرية،‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬ينحصر‭ ‬الخلاف،‭ ‬حول‭ ‬التعاقب،‭ ‬في‭ ‬اعتبارات‭ ‬أو‭ ‬صراعات‭ ‬شخصية‭ ‬أو‭ ‬فئوية‭ ‬ضيقة‭.‬


ولتجاوز‭ ‬الأزمة‭ ‬الحالية،‭ ‬فإنه‭ ‬يتعين‭ ‬وضع‭ ‬نظام‭ ‬عصري‭ ‬وفعال‭ ‬لتنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬الرياضي،‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬المشهد‭ ‬الرياضي‭ ‬الوطني‭ ‬وتأهيل‭ ‬التنظيمات‭ ‬الرياضية‭ ‬للاحترافية‭ ‬ودمقرطة‭ ‬الهيئات‭ ‬المكلفة‭ ‬بالتسيير‭.‬
إن‭ ‬الوضع‭ ‬يتطلب،‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬اتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬المؤسساتية‭ ‬والقانونية‭ ‬الملائمة‭ ‬لمواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬المتسارعة‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬الرياضة‭ ‬العالمية،‭ ‬ولاسيما‭ ‬متطلبات‭ ‬تطوير‭ ‬الاحترافية‭.‬


كما‭ ‬ينبغي‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إيجاد‭ ‬نموذج‭ ‬ناجع‭ ‬يتيح‭ ‬النهوض‭ ‬برياضة‭ ‬النخبة‭ ‬والرياضة‭ ‬الجماهيرية،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬الانسجام‭ ‬والتناغم،‭ ‬وإعطائهما‭ ‬معا‭ ‬نفس‭ ‬الاهتمام‭ ‬في‭ ‬السياسات‭ ‬الرياضية‭ ‬العمومية‭.‬ فرياضة‭ ‬النخبة‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالرياضة‭ ‬الوطنية‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬عليا،‭ ‬تشكل‭ ‬مثالا‭ ‬يقتدى‭ ‬به،‭ ‬بالنسبة‭ ‬لعموم‭ ‬المواطنين‭.‬ في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬الجماهيرية‭ ‬تعد‭ ‬شرطا‭ ‬أساسيا‭ ‬لبناء‭ ‬مجتمع‭ ‬سليم،‭ ‬ومشتلا‭ ‬خصبا‭ ‬تنهل‭ ‬منه‭ ‬رياضة‭ ‬التباري‭ ‬مكوناتها‭ ‬وعناصرها‭.‬
كما‭ ‬يتعين‭ ‬بعث‭ ‬النشاط‭ ‬والحيوية،‭ ‬في‭ ‬شرايين‭ ‬الحياة‭ ‬الجمعوية‭ ‬الرياضية‭ ‬والزيادة‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬المرخص‭ ‬لهم‭ ‬بممارسة‭ ‬الرياضة،‭ ‬بشكل‭ ‬يتناسب‭ ‬وعدد‭ ‬سكان‭ ‬بلادنا‭ ‬ولاسيما‭ ‬منهم‭ ‬الشباب،‭ ‬فتيانا‭ ‬وفتيات‭ ‬باعتبارهم‭ ‬أبطال‭ ‬الغد‭.‬


وفي‭ ‬نفس‭ ‬السياق،‭ ‬يجب‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬الرياضة‭ ‬المدرسية‭ ‬والجامعية،‭ ‬اعتبارا‭ ‬لدورها‭ ‬الريادي‭ ‬في‭ ‬الاكتشاف‭ ‬المبكر‭ ‬للمواهب‭ ‬المؤهلة‭ ‬وصقلها‭.‬ وأمام‭ ‬الإهمال‭ ‬الذي‭ ‬أصبحت‭ ‬تعانيه،‭ ‬فإنه‭ ‬أصبح‭ ‬من‭ ‬الملح‭ ‬جدا،‭ ‬الانكباب‭ ‬على‭ ‬وضعية‭ ‬هذه‭ ‬الرياضة‭ ‬المدرسية‭ ‬والجامعية‭ ‬بغية‭ ‬توسيع‭ ‬قاعدة‭ ‬الولوج‭ ‬إليها‭ ‬وتحسين‭ ‬تجهيزاتها‭ ‬التحتية‭ ‬وشروط‭ ‬ممارستها،‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬شراكة‭ ‬نموذجية‭ ‬بين‭ ‬الفرق‭ ‬التأطيرية،‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬التربوية‭ ‬والهيئات‭ ‬الرياضية‭.‬
وكيفما‭ ‬كان‭ ‬الحال،‭ ‬فإن‭ ‬النتائج‭ ‬الجيدة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقها‭ ‬بدون‭ ‬تهييء‭ ‬جدي‭ ‬واحترافي‭ ‬للفرق‭ ‬الوطنية‭ ‬للمنافسات‭ ‬القارية‭ ‬والجهوية‭ ‬والدولية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تتطلب،‭ ‬بالضرورة‭ ‬التكوين‭ ‬الجيد‭ ‬والكفاءات‭ ‬في‭ ‬التأطير‭ ‬القانوني‭ ‬والإداري‭.‬


بيد‭ ‬أن‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬الرياضة‭ ‬الحديثة،‭ ‬يظل‭ ‬هو‭ ‬التمويل،‭ ‬لذلك‭ ‬ندعو‭ ‬إلى‭ ‬تنويع‭ ‬مصادره،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الرفع‭ ‬من‭ ‬الاعتمادات‭ ‬العمومية‭ ‬المخصصة‭ ‬لقطاع‭ ‬الرياضة،‭ ‬أو‭ ‬بعقد‭ ‬شراكات‭ ‬بين‭ ‬القطاعين‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭.‬


ونلح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن،‭ ‬على‭ ‬اعتماد‭ ‬وتعزيز‭ ‬آليات‭ ‬المراقبة‭ ‬والافتحاص‭ ‬والمحاسبة،‭ ‬فهي‭ ‬النهج‭ ‬القويم‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬للتعليم‭ ‬الذي‭ ‬تعرفه‭ ‬مالية‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأندية‭ ‬وميزانية‭ ‬الجمعيات‭ ‬ولنزوعات‭ ‬التبذير‭ ‬وسوء‭ ‬التدبير،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬المخالفة‭ ‬للقانون‭ ‬وللروح‭ ‬الرياضية‭.‬


وعلاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬فحري‭ ‬بمناظرتكم‭ ‬الانكباب‭ ‬على‭ ‬مسألة‭ ‬حيوية‭ ‬عنوانها‭ ‬العريض،‭ ‬الحاجة‭ ‬الملحة‭ ‬لقطاع‭ ‬الرياضة‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬بنياته‭ ‬التحتية،‭ ‬إذ‭ ‬برغم‭ ‬بعض‭ ‬التجهيزات‭ ‬العالية‭ ‬المستوى‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬عليها‭ ‬بلادنا‭ ‬أو‭ ‬التي‭ ‬وجهنا‭ ‬حكومتنا‭ ‬لإيجادها،‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬مضاعفة‭ ‬الجهود،‭ ‬لأن‭ ‬التعاطي‭ ‬للرياضة‭ ‬وتكوين‭ ‬أبطالها‭ ‬صناعة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يندرج‭ ‬حرصنا‭ ‬على‭ ‬إيلاء‭ ‬تشييد‭ ‬بنيات‭ ‬رياضية‭ ‬محلية،‭ ‬مكانة‭ ‬الأسبقية‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬المبادرة‭ ‬الوطنية‭ ‬للتنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬وكذا‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تساهم‭ ‬فيها‭ ‬مؤسسة‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬للتضامن‭.‬


هدفنا‭ ‬الأسمى‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬إحياء‭ ‬الممارسة‭ ‬الرياضية‭ ‬في‭ ‬مدننا‭ ‬وقرانا‭ ‬وأحيائنا،‭ ‬خاصة‭ ‬الشعبية‭ ‬منها،‭ ‬باعتبارها‭ ‬المعين‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينضب‭ ‬للرياضيين‭ ‬والمنبت‭ ‬المعطاء‭ ‬لكبار‭ ‬أبطالنا‭ ‬ممن‭ ‬مارسوا‭ ‬هوايتهم‭ ‬الرياضية‭ ‬بالقدم‭ ‬الحافي‭ ‬وبالحركة‭ ‬العفوية‭ ‬والتلقائية‭ ‬وكان‭ ‬يكفيهم‭ ‬شرف‭ ‬حمل‭ ‬القميص‭ ‬الوطني‭ ‬ورفع‭ ‬راية‭ ‬المغرب‭ ‬خفاقة‭ ‬في‭ ‬الملتقيات‭ ‬القارية‭ ‬والدولية‭ ‬على‭ ‬نغمات‭ ‬النشيد‭ ‬الوطني‭.‬


وإننا‭ ‬لندعو‭ ‬بالخصوص‭ ‬الجماعات‭ ‬المحلية‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬لأن‭ ‬يكونوا‭ ‬شركاء،‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يعنيه‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬حضور‭ ‬والتزام‭ ‬وفعالية،‭ ‬في‭ ‬المخطط‭ ‬المندمج‭ ‬الجديد‭ ‬لتنمية‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭: ‬استراتيجية‭ ‬رياضية،‭ ‬ومجتمعا‭ ‬رياضيا،‭ ‬واقتصادا‭ ‬رياضيا،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬تضافر‭ ‬لجهودها‭ ‬مع‭ ‬السلطات‭ ‬العمومية‭ ‬وهيئات‭ ‬الحركة‭ ‬الرياضية‭ ‬والأولمبية‭ ‬الوطنية‭.‬
كما‭ ‬أننا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قطاع‭ ‬الرياضة،‭ ‬في‭ ‬بلادنا،‭ ‬قطاعا‭ ‬للتجديد‭ ‬والإبداع‭ ‬المتميز،‭ ‬لذلك،‭ ‬ينبغي‭ ‬تشجيع‭ ‬الرياضات‭ ‬الجديدة‭ ‬قصد‭ ‬الاستفادة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬المؤهلات‭ ‬الطبيعية‭ ‬للمملكة‭ ‬وإمكانات‭ ‬شبابها‭.‬


كما‭ ‬يتعين‭ ‬خلق‭ ‬مشاريع‭ ‬بناءة‭ ‬وذات‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬عالية،‭ ‬بالتشارك‭ ‬بين‭ ‬القطاع‭ ‬الرياضي‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬قطاعات‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والسياحة‭ ‬والثقافة‭ ‬والاتصال‭ ‬والجماعات‭ ‬المحلية‭.‬


ولا‭ ‬يفوتنا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقام،‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬دور‭ ‬الإعلام‭ ‬الرياضي‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬بهذا‭ ‬القطاع،‭ ‬باعتباره‭ ‬شريكا‭ ‬لا‭ ‬مندوحة‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬نهضته‭ ‬المنشودة‭.‬ فبفضل‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬الحديثة‭ ‬للإعلام‭ ‬والاتصال،‭ ‬صارت‭ ‬الرياضة‭ ‬تحظى‭ ‬بمتابعة‭ ‬واسعة‭ ‬تضعها‭ ‬تحت‭ ‬المجهر،‭ ‬لذلك،‭ ‬ندعو‭ ‬الإعلام‭ ‬الرياضي‭ ‬إلى‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬الشأن‭ ‬الرياضي‭ ‬بكل‭ ‬مسؤولية‭ ‬وحرية‭ ‬وبموضوعية‭ ‬واحترافية،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬التزام‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬الرياضة‭ ‬والمهنة‭ ‬الإعلامية،‭ ‬بحيث‭ ‬ينتصر‭ ‬هذا‭ ‬الإعلام‭ ‬الوطني‭ ‬دوما‭ ‬للنهوض‭ ‬بالرياضة‭ ‬والمثل‭ ‬السامية‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭.‬

حضرات‭ ‬السيدات‭ ‬والسادة،‭ ‬
إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬سد‭ ‬كل‭ ‬الثغرات‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها،‭ ‬مع‭ ‬كامل‭ ‬الأسف،‭ ‬قطاع‭ ‬الرياضة‭ ‬ببلادنا‭ ‬أمام‭ ‬تعدد‭ ‬الأسبقيات‭ ‬فإن‭ ‬التصدي‭ ‬لبعض‭ ‬المشاكل‭ ‬يتطلب‭ ‬الحزم‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬معها،‭ ‬خاصة‭ ‬وأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬تكتسي‭ ‬طابعا‭ ‬استعجاليا‭.‬
فالشعور‭ ‬بالإحباط‭ ‬وخيبة‭ ‬الأمل‭ ‬الذي‭ ‬تولده‭ ‬الإخفاقات‭ ‬المتتالية‭ ‬للفرق‭ ‬الوطنية،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يبرر‭ ‬ما‭ ‬تشهده‭ ‬الفضاءات‭ ‬والميادين‭ ‬الرياضية،‭ ‬أحيانا،‭ ‬من‭ ‬استفحال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المظاهر‭ ‬المشينة،‭ ‬المرفوضة‭ ‬أخلاقيا‭ ‬وقانونيا‭ ‬وأعمال‭ ‬العنف‭ ‬والاعتداء‭ ‬على‭ ‬الممتلكات‭ ‬العمومية‭ ‬والخاصة‭.‬


وكذلك‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬لاستعمال‭ ‬المنشطات‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬ظاهرة‭ ‬غريبة‭ ‬على‭ ‬تقاليدنا‭ ‬وثقافتنا‭ ‬ومحرمة‭ ‬قانونا‭ ‬وأخلاقا‭ ‬رياضية،‭ ‬لذلك‭ ‬ندعو‭ ‬السلطات‭ ‬المختصة‭ ‬إلى‭ ‬محاربة‭ ‬هذه‭ ‬الممارسة‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬والتزام‭ ‬الصرامة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬معاقبة‭ ‬استعمالها‭ ‬وترويجها،‭ ‬تنفيذا‭ ‬لقوانيننا‭ ‬الوطنية‭ ‬والتزاماتنا‭ ‬الدولية‭.‬

معشر‭ ‬الرياضيين‭ ‬والرياضيات،‭ ‬
إن‭ ‬ثقتنا‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الإمكانيات‭ ‬الكبيرة‭ ‬للرياضة‭ ‬المغربية،‭ ‬ومن‭ ‬هنا،‭ ‬لن‭ ‬نألو‭ ‬جهدا‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دعم‭ ‬كل‭ ‬المبادرات‭ ‬الحسنة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬جاهدة‭ ‬على‭ ‬بلوغ‭ ‬هدفها‭ ‬الأسمى،‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬جعل‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭ ‬نموذجا‭ ‬متميزا‭ ‬ومدرسة‭ ‬حقيقية‭ ‬للحياة‭ ‬وللوطنية‭ ‬والمواطنة‭ ‬وعنصرا‭ ‬للتلاحم‭ ‬الاجتماعي‭ ‬ورافعة‭ ‬لإشعاعنا‭ ‬الجهوي‭ ‬والدولي‭.‬
وإننا‭ ‬لا‭ ‬ننتظر‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المناظرة،‭ ‬الاكتفاء‭ ‬بمجرد‭ ‬وضع‭ ‬تشخيص،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬دقيقا‭ ‬لحال‭ ‬الرياضة‭ ‬المغربية‭ ‬أو‭ ‬الإطناب‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬الخطابي‭ ‬عن‭ ‬الإصلاح‭ ‬النظري‭ ‬الذي‭ ‬يفضي،‭ ‬لا‭ ‬محالة،‭ ‬إلى‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬مغبة‭ ‬ما‭ ‬دعونا‭ ‬إلى‭ ‬تجنبه‭ ‬من‭ ‬الدوران‭ ‬في‭ ‬الحلقة‭ ‬المفرغة‭ ‬أو‭ ‬العبثية،‭ ‬لتغيير‭ ‬التغيير‭ ‬وإصلاح‭ ‬الإصلاح؛‭ ‬بلى،‭ ‬إن‭ ‬غيرتنا‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬الرياضة،‭ ‬تجعلنا‭ ‬نحثكم‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تجعلوا‭ ‬هذه‭ ‬المناظرة‭ ‬قوة‭ ‬اقتراحية‭ ‬تصدر‭ ‬عنها‭ ‬توصيات‭ ‬وجيهة‭ ‬واقتراحات‭ ‬عملية‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬رياضتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬وتستجيب‭ ‬لتطلعات‭ ‬الجماهير‭ ‬الشعبية‭ ‬ومواطنينا،‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬كما‭ ‬الخارج،‭ ‬للمزيد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬والبطولات‭.‬


لذا،‭ ‬فإننا‭ ‬نهيب‭ ‬بكافة‭ ‬الفاعلين‭ ‬المعنيين‭ ‬بهذا‭ ‬القطاع،‭ ‬أن‭ ‬يتناولوا‭ ‬الموضوع‭ ‬بروح‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬والجد‭ ‬والالتزام‭ ‬والثقة‭ ‬في‭ ‬الذات‭ ‬وفي‭ ‬المؤهلات‭ ‬وبكثير‭ ‬من‭ ‬الطموح‭ ‬والتفاؤل،‭ ‬غايتكم‭ ‬المثلى،‭ ‬الاجتهاد‭ ‬في‭ ‬بلورة‭ ‬أفضل‭ ‬السبل،‭ ‬لوضع‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬للرياضة‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬جماعية‭ ‬مسؤولة‭.‬
والله‭ ‬تعالى‭ ‬نسأل‭ ‬أن‭ ‬يسدد‭ ‬خطاكم‭ ‬ويتوج‭ ‬أشغالكم‭ ‬بكامل‭ ‬التوفيق‭.‬


والسلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وبركاته‭.‬‮»‬