الجمعة 11 أكتوبر 2024

الجمعة 11 أكتوبر 2024

رسالة‭ ‬ملكية‭ ‬إلى‭ ‬المناظرة‭ ‬الدولية‭ ‬المنظمة‭ ‬تحت‭ ‬شعار ‭ ‬‮«‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الإفريقية‭ ‬هي‭ ‬رؤيتنا‮»

 الصخيرات،‭ ‬24‭ ‬شوال‭ ‬1438‭ ‬هـ‭ ‬الموافق‭ ‬18‭ ‬يوليوز‭ ‬2017‭ ‬م

‮«‬الحمد‭ ‬لله،‭ ‬والصلاة‭ ‬والسلام‭ ‬على‭ ‬مولانا‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬وآله‭ ‬وصحبه،
معالي‭ ‬السيد‭ ‬جياني‭ ‬إنفانتينو،‭ ‬رئيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬الدولي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬معالي‭ ‬السيد‭ ‬أحمد‭ ‬أحمد،‭ ‬رئيس‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬أصحاب‭ ‬المعالي‭ ‬والسعادة،‭ ‬حضرات‭ ‬السيدات‭ ‬والسادة،
إنه‭ ‬لمن‭ ‬دواعي‭ ‬السرور،‭ ‬أن‭ ‬نرحب‭ ‬بكم‭ ‬في‭ ‬بلدكم‭ ‬الثاني،‭ ‬المغرب،‭ ‬بمناسبة‭ ‬انعقاد‭ ‬هذه‭ ‬الندوة‭ ‬الهامة،‭ ‬حول‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الإفريقية‭. ‬وإننا‭ ‬لنشيد‭ ‬بهذه‭ ‬المبادرة‭ ‬البناءة،‭ ‬التي‭ ‬نعتبرها‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬للقيام‭ ‬بتشخيص‭ ‬جماعي‭ ‬لواقع‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬بالقارة،‭ ‬والتطور‭ ‬الذي‭ ‬عرفته،‭ ‬والوقوف‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬أبرز‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها،‭ ‬واقتراح‭ ‬التوجهات‭ ‬الكبرى‭ ‬لبلورة‭ ‬رؤية‭ ‬مشتركة‭ ‬لتطوير‭ ‬الكرة‭ ‬الإفريقية‭.‬
وقد‭ ‬أبينا‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نضفي‭ ‬رعايتنا‭ ‬السامية،‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الإفريقي‭ ‬الكبير،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬اعتبارا‭ ‬للمكانة‭ ‬التي‭ ‬تحتلها‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬قلوبنا،‭ ‬ولعلاقات‭ ‬الأخوة‭ ‬والتضامن‭ ‬والتعاون‭ ‬التي‭ ‬تربطنا‭ ‬بشعوبها‭ ‬؛‭ ‬وإنما‭ ‬أيضا‭ ‬لإيماننا‭ ‬الراسخ‭ ‬بأن‭ ‬مستقبل‭ ‬إفريقيا‭ ‬يبقى‭ ‬رهينا‭ ‬بتأهيل‭ ‬شبابها،‭ ‬وفتح‭ ‬الآفاق‭ ‬أمامه‭ ‬لإبراز‭ ‬مؤهلاته،‭ ‬وبمدى‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬إدماجه‭.‬


حضرات‭ ‬السيدات‭ ‬والسادة،
إذا‭ ‬كانت‭ ‬إفريقيا‭ ‬غنية‭ ‬بثرواتها‭ ‬الطبيعية،‭ ‬فهي‭ ‬غنية،‭ ‬قبل‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬بشبابها‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬ثلثي‭ ‬ساكنة‭ ‬القارة،‭ ‬والذي‭ ‬نثق‭ ‬في‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬المساهمة‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬الإقلاع‭ ‬الذي‭ ‬نتطلع‭ ‬إليه‭ ‬جميعا،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وفرنا‭ ‬له‭ ‬الظروف‭ ‬المواتية‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬مواهبه‭ ‬وصقلها‭.‬
ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق،‭ ‬فإن‭ ‬تطوير‭ ‬الممارسة‭ ‬الرياضية‭ ‬بكل‭ ‬أشكالها،‭ ‬وكرة‭ ‬القدم‭ ‬بالخصوص،‭ ‬يمثل‭ ‬إحدى‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬لتنمية‭ ‬الشباب،‭ ‬وإدماجهم‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاقتصادي،‭ ‬ولتقوية‭ ‬مناعتهم‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الانحراف‭ ‬والتطرف،‭ ‬والمغامرة‭ ‬بأرواحهم‭ ‬وبمستقبلهم‭ ‬عبر‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭.‬
إن‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬هي‭ ‬قيم‭ ‬ومبادئ،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مجرد‭ ‬رياضة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬الألقاب‭ ‬فقط‭. ‬فهي‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬إذكاء‭ ‬الروح‭ ‬الرياضية،‭ ‬والعمل‭ ‬الجماعي،‭ ‬والتنافس‭ ‬الشريف،‭ ‬وتساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الانفتاح‭ ‬والتفاهم‭ ‬والتقارب‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭.‬
وكما‭ ‬لا‭ ‬يخفى‭ ‬عليكم،‭ ‬فكرة‭ ‬القدم‭ ‬هي‭ ‬الرياضة‭ ‬الأكثر‭ ‬شعبية‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬العالم،‭ ‬وتحتل‭ ‬مكانة‭ ‬هامة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬شعوبها‭ ‬؛‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تتجذر‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬هويتها‭ ‬الاجتماعية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تاريخ‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الإفريقية‭ ‬حافل‭ ‬بالإنجازات‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬التظاهرات‭ ‬العالمية،‭ ‬وبالمواهب‭ ‬الكروية‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تألقت‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أكبر‭ ‬الدوريات‭ ‬والفرق‭ ‬العالمية‭.‬
إلا‭ ‬أن‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الإفريقية‭ ‬مطالبة‭ ‬اليوم،‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬برفع‭ ‬تحديات‭ ‬التحديث‭ ‬والعصرنة،‭ ‬ومواكبة‭ ‬التطورات‭ ‬المتسارعة‭ ‬التي‭ ‬تعرفها‭ ‬الرياضة‭ ‬العالمية‭. ‬ولن‭ ‬يتأتى‭ ‬لنا‭ ‬ذلك‭ ‬إلا‭ ‬بترسيخ‭ ‬الحكامة‭ ‬الجيدة‭ ‬للهياكل‭ ‬التسييرية،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬التكوين،‭ ‬وتطوير‭ ‬البنيات‭ ‬التحتية،‭ ‬وتوفير‭ ‬متطلبات‭ ‬ولوج‭ ‬عالم‭ ‬الاحتراف،‭ ‬وتعزيز‭ ‬آليات‭ ‬تسويق‭ ‬المنتوج‭ ‬الكروي‭ ‬الإفريقي،‭ ‬وإيجاد‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬تطوير‭ ‬كرة‭ ‬النخبة‭ ‬والكرة‭ ‬الجماهيرية‭.‬


حضرات‭ ‬السيدات‭ ‬والسادة،
لقد‭ ‬عملنا‭ ‬على‭ ‬رجوع‭ ‬المغرب‭ ‬إلى‭ ‬مكانه‭ ‬الطبيعي‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬الاتحاد‭ ‬الإفريقي،‭ ‬واللجنة‭ ‬التنفيذية‭ ‬للاتحاد‭ ‬الإفريقي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم،‭ ‬إيمانا‭ ‬منا‭ ‬بضرورة‭ ‬العمل‭ ‬المشترك‭ ‬مع‭ ‬أشقائنا‭ ‬داخل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬خدمة‭ ‬قضايا‭ ‬القارة،‭ ‬والدفاع‭ ‬عن‭ ‬مصالحها‭.‬
فالمغرب‭ ‬يتقاسم‭ ‬مع‭ ‬أشقائه‭ ‬الأفارقة‭ ‬نفس‭ ‬التحديات،‭ ‬ونفس‭ ‬الطموح،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تطوير‭ ‬وتوسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الممارسة‭ ‬الرياضية‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬والارتقاء‭ ‬بكرة‭ ‬القدم‭ ‬بالخصوص،‭ ‬إيمانا‭ ‬منه‭ ‬بالدور‭ ‬الهام‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية،‭ ‬وتقوية‭ ‬الاندماج‭ ‬والتلاحم‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الإشعاع‭ ‬الجهوي‭ ‬والقاري‭ ‬والدولي‭.‬
وتجسيدا‭ ‬لسياستنا‭ ‬التضامنية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬القارة،‭ ‬وإيمانا‭ ‬منا‭ ‬بأهمية‭ ‬التعاون‭ ‬الإفريقي‭ ‬البيني،‭ ‬فإن‭ ‬المغرب‭ ‬حريص‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬التجربة‭ ‬التي‭ ‬راكمها‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الرياضي،‭ ‬رهن‭ ‬إشارة‭ ‬أشقائه‭ ‬الأفارقة‭.‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬وقعت‭ ‬الجامعة‭ ‬الملكية‭ ‬المغربية‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬34‭ ‬اتفاقية،‭ ‬همت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬كالتكوين‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬والطب‭ ‬الرياضي،‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات‭ ‬التقنية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬استقبال‭ ‬التربصات‭ ‬الإعدادية‭ ‬للفرق‭ ‬الوطنية‭ ‬لمجموعة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬الشقيقة،‭ ‬بمختلف‭ ‬فئاتها‭.‬
وإن‭ ‬المغرب‭ ‬يتطلع‭ ‬لانبثاق‭ ‬قارة‭ ‬إفريقية‭ ‬قوية،‭ ‬متعاونة‭ ‬ومتضامنة،‭ ‬تتبوأ‭ ‬المكانة‭ ‬التي‭ ‬تستحقها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المؤسسات‭ ‬والمحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬صناعة‭ ‬القرار،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المشاركة،‭ ‬أو‭ ‬بخصوص‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقها‭ ‬المشروع‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬التظاهرات‭ ‬الكروية‭ ‬العالمية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬احتضان‭ ‬نهائيات‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭.‬


حضرات‭ ‬السيدات‭ ‬والسادة،
إننا‭ ‬واثقون‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الملتقى‭ ‬الهام،‭ ‬بفضل‭ ‬الخبراء‭ ‬والكفاءات‭ ‬الكروية‭ ‬الإفريقية‭ ‬المشاركة‭ ‬فيه،‭ ‬وبما‭ ‬هو‭ ‬مشهود‭ ‬لهم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬غيرة‭ ‬إفريقية‭ ‬صادقة،‭ ‬سيمكن‭ ‬من‭ ‬بلورة‭ ‬رؤية‭ ‬مستقبلية‭ ‬لتطوير‭ ‬الكرة‭ ‬الإفريقية‭ ‬؛‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬تشخيص‭ ‬موضوعي‭ ‬لواقع‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬قارتنا،‭ ‬وتحدد‭ ‬الوسائل‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية،‭ ‬والآليات‭ ‬التنظيمية،‭ ‬الكفيلة‭ ‬برفع‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجهها،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الرقي‭ ‬بهذه‭ ‬الرياضة‭ ‬الشعبية‭ ‬إلى‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭.‬
وإذ‭ ‬نجدد‭ ‬الترحاب‭ ‬بكم‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬المغرب،‭ ‬فإننا‭ ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬أن‭ ‬يكلل‭ ‬أعمالكم‭ ‬بكامل‭ ‬التوفيق‭ ‬والنجاح‭. ‬والسلام‭ ‬عليكم‭ ‬ورحمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬وبركاته‭.‬‮»‬